فصل: الآيات (111 - 112)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 92 - 95

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏إن هذه أمتكم أمة واحدة‏}‏ قال‏:‏ إن هذا دينكم دينا واحدا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة ‏{‏إن هذه أمتكم أمة واحدة‏}‏ أي دينكم دين واحد وربكم واحد والشريعة مختلفة‏.‏

وأخرج عبد بن حميدعن الكلبي ‏{‏إن هذه أمتكم أمة واحدة‏}‏ قال‏:‏ لسانكم لسان واحد‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏وتقطعوا أمرهم بينهم‏}‏ قال‏:‏ ‏{‏تقطعوا‏}‏ اختلفوا في الدين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس، أنه قرأ ‏"‏وحرام على قرية‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن الزبير قال‏:‏ إن صبيانا ههنا يقرؤون ‏"‏وحرم على قرية‏"‏ وإنما هي ‏{‏وحرام على قرية‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ ‏{‏وحرام على قرية‏}‏ بالألف‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وحرام على قرية أهلكناها‏}‏ قال‏:‏ وجب إهلاكها‏.‏ قال‏:‏ دمرناها ‏{‏إنهم لا يرجعون‏}‏ قال‏:‏ إلى الدنيا‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس أنه كان يقرأ ‏"‏وحرم على قرية‏"‏ قال‏:‏ وجب على قرية ‏{‏أهلكناها أنهم لا يرجعون‏}‏ كما قال‏:‏ ‏(‏ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون‏)‏ ‏(‏يس، آية 31‏)‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف ‏"‏وحرم على قرية‏"‏ فقيل لسعيد‏:‏ أي شيء حرم‏؟‏ قال‏:‏ يحرم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة ‏"‏وحرم‏"‏ قال‏:‏ وجب ‏{‏على قرية أهلكناها‏}‏ قال‏:‏ كتبنا عليها الهلاك في دينها ‏{‏أنهم لا يرجعون‏}‏ عما هم عليه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ‏"‏وحرم‏"‏ قال‏:‏ وجب بالحبشية‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏وحرام على قرية‏}‏ أي وجب عليها أنها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها‏.‏

 الآية 96 - 97

أخرج عبد بن حميد عن عاصم، أنه قرأ ‏{‏حتى إذا فتحت‏}‏ خفيفة ‏{‏يأجوج ومأجوج‏}‏ مهموزة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وهم من كل حدب ينسلون‏}‏ قال‏:‏ جميع الناس من كان مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏من كل حدب ينسلون‏}‏ قال‏:‏ من كل أكمة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏من كل حدب‏}‏ قال‏:‏ شرف ‏{‏ينسلون‏}‏ قال‏:‏ يقبلون‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق سأله قال له‏:‏ أخبرني عن قوله‏:‏ ‏{‏ومن كل حدب ينسلون‏}‏ قال‏:‏ ينشرون من جوف الأرض من كل ناحية‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت طرفة وهو

يقول‏:‏

فأما يومهم فيوم سوء * تخطفهن بالحدب الصقور

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج‏}‏ قال‏:‏ هذا مبتدأ يوم القيامة‏.‏

وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قرأ ‏"‏من كل جدث‏"‏ بالجيم والثاء، مثل قوله‏:‏ ‏{‏فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون‏)‏ ‏(‏يس، آية 51‏)‏ وهي القبور‏.‏

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري‏:‏ سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله‏:‏ ‏{‏من كل حدب ينسلون‏}‏ فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى يتركوه يبسا، حتى أن بعضهم ليمر بذلك النهر فيقول‏:‏ قد كان ههنا مرة ماء‏.‏ حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أخذ في حصن أو مدينة، قال قائلهم‏:‏ هؤلاء أهل الأرض، قد فرغنا منهم وبقي أهل السماء‏.‏ قال‏:‏ يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد يخرج في أعناقه، فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون‏:‏ ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هؤلاء العدو‏؟‏ فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض‏!‏ فينادي معشر المسلمين، أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم‏.‏ فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم، فتشكر عنه أحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى، فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال‏:‏ لا علم لي بها، فردوا أمرهم إلى موسى فقال‏:‏ لا علم لي بها، فردوا أمرهم إلى عيسى فقال‏:‏ أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، وفيما عهد إلي ربي أن الدجال خارج ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص فيهلكه الله إذا رآني، حتى أن الحجر والشجر يقول‏:‏ يا مسلم، إن تحتي كافرا فتعال فاقتله‏.‏ فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، ثم يرجع الناس يشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجري الأرض من نتن ريحهم، وينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر‏.‏ وفيما عهد إلي ربي، إذا كان ذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها ليلا أو نهارا‏"‏‏.‏

قال ابن مسعود‏:‏ فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله‏:‏ ‏{‏حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ جميع الناس من مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب‏.‏

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة، عن حذيفة قال‏:‏ ‏"‏خطب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال‏:‏ إنكم تقولون لا عدو لكم، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون، صهب الشفار، من كل حدب ينسلون‏.‏‏.‏‏.‏ كأن وجوههم المجان المطرقة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي يزيد قال‏:‏ رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون، فقال ابن عباس‏:‏ هكذا يخرج يأجوج ومأجوج‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث، عن النواس بن سمعان قال‏:‏ ‏"‏ذكر رسول الله صلى عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه رفع، حتى ظننا أنه في ناحية النخل فقال‏:‏ غير الدجال أخوفني عليكم، فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم‏.‏ إنه شاب جعد قطط عينه طافئة، وإنه تخرج خيله بين الشام والعراق، فعاث يمينا وشمالا، يا عباد الله اثبتوا‏:‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله، ما لبثه في الأرض‏؟‏ قال‏:‏ أربعون يوما، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة، وسائر الأيام كأيامكم‏.‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله، فذلك اليوم الذي هو كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏‏.‏‏.‏ أقدروا له قدره‏.‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله، ما أسرعه في الأرض‏؟‏ قال‏:‏ كالغيث يشتد به الريح، فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان درا، وأمده خواصر وأشبعه ضروعا، ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله، فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء، ويمر بالخربة فيقول لها‏:‏ أخرجي كنوزك‏.‏ فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل إليه‏.‏

فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرقي، فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى ابن مريم‏:‏ أني قد أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لك بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور‏.‏ فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله‏:‏ ‏{‏وهم من حدب ينسلون‏}‏ فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض فيجدون نتن ريحهم، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا بر أربعين يوما فتغسل الأرض حتى تتركها زلفة، ويقال للأرض‏:‏ أنبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل، حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي الفخذ، والشاة من الغنم تكفي البيت، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال‏:‏ ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لو نتجت فرس عند خروجهم ما ركب فلوها حتى تقوم الساعة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أول الآيات‏:‏ الدجال، ونزول عيسى، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا، وتبيت معهم إذا باتوا، والدخان، والدابة، ويأجوج ومأجوج‏.‏ قال حذيفة‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، ما يأجوج ومأجوج‏؟‏ قال‏:‏ يأجوج ومأجوج أمم، كل أمة أربعمائة ألف أمة‏.‏‏.‏‏.‏ لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يديه من صلبه، وهم ولد آدم، فيسيرون إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق، فيمرون بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية، حتى يأتون بيت المقدس فيقولون‏:‏ قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء، فيرمون بالنشاب إلى السماء فترجع نشابتهم مخضبة بالدم، فيقولون‏:‏ قد قتلنا من في السماء‏.‏ وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين فيوحي الله إلى عيسى‏:‏ أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة، ثم إن عيسى يرفع يديه إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها، النغف‏.‏ تدخل في مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق المشرق، حتى تنتن الأرض من جيفهم، ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم، فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال‏:‏ يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها‏.‏ ثم قرأ ابن مسعود ‏{‏وهم من كل حدب ينسلون‏}‏ قال‏:‏ ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها، فتنتن الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق عطية قال‏:‏ قال أبو سعيد‏:‏ يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه، إلا أهل الحصون فيمرون على البحيرة فيشربونها، فيمر المار فيقول‏:‏ كأنه كان ههنا ماء‏!‏ فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا، فيقول أهل الحصون‏:‏ لقد هلك أعداء الله‏.‏ فيرسلون رجلا لينظر ويشرط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه، فيجدهم قد هلكوا‏.‏ فينزل الله ماء من السماء فيقذف بهم في البحر فتطهر الأرض منهم، ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل وتخرج الأرض ثمرها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج‏.‏

وأخرج ابن جرير عن كعب قال‏:‏ إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي يلونهم قرع فؤوسهم، فإذا كان الليل قالوا‏:‏ نجي غدا نخرج‏.‏ فيعيده الله كما كان فيجيئون غدا فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم، فإذا كان الليل قالوا‏:‏ نجي فنخرج، فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما كان، فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول‏:‏ نجيء غدا فنخرج إن شاء الله‏.‏ فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيخرقون ثم يخرجون، فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها، ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها، ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون‏:‏ كان ههنا مرة ماء‏.‏ ويفر الناس منهم ولا يقوم لهم شيء، ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون‏:‏ غلبنا أهل الأرض وأهل السماء، فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيقول‏:‏ اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم فاكفناهم بما شئت‏.‏ فيرسل الله عليهم دودا يقال له‏:‏ ‏"‏النغف‏"‏ فتقرس رقابهم، ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر، ويبعث الله تعالى عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم، وينبتها حتى أن الرمانة ليشبع منها السكن قيل‏:‏ وما السكن يا كعب‏؟‏ قال‏:‏ أهل البيت‏.‏ قال‏:‏ فبينا الناس كذلك إذ أتاهم الصراخ، أن ذا السويقتين أتى البيت يريده‏.‏ فيبعث عيسى طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة، حتى إذا كانوا ببعض الطريق يبعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن، ثم يبقى محاح من الناس فيتسافدون كما تتسافد البهائم، فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينظرها متى تضع‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال‏:‏ ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة، إلا كان عند رأس المائة أمر‏.‏ قال‏:‏ فتحت يأجوج ومأجوج‏.‏ وهم كما قال الله‏:‏ ‏{‏من كل حدب ينسلون‏}‏ فيأتي أولهم على نهر عجاج فيشربونه كله حتى ما يبقى منه قطرة، ويأتي آخرهم فيمر فيقول‏:‏ قد كان ههنا مرة ماء، فيفسدون في الأرض ويحاصرون المؤمنين في مدينة إليا، فيقولن‏:‏ لم يبق في الأرض أحد إلا قد ذبحناه‏.‏‏.‏‏.‏ هلموا نرمي من في السماء‏.‏ فيرمون في السماء فترجع إليهم سهامهم في نصلها الدم، فيقولون‏:‏ ما بقي في الأرض ولا في السماء أحد إلا وقد قتلناه‏.‏ فيقول المؤمنون‏:‏ يا روح الله، ادع الله عليهم‏.‏ فيدعو عليهم فيبعث الله في آذانهم النغف فيقتلهم جميعا في ليلة واحدة، حتى تنتن الأرض من جيقهم فيقول المؤمنون‏:‏ يا روح الله، ادع الله فإنا نخشى أن نموت من نتن جيفهم‏.‏ فيدعو الله فيرسل عليهم وابلا من السماء فيجعلهم سيلا، فيقذفهم في البحر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج، لم يركبه حتى تقوم الساعة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو يعلى وابن المنذر، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد ‏{‏واقترب الوعد الحق‏}‏ قال‏:‏ اقترب يوم القيامة‏.‏

وأخرج عن الربيع ‏{‏واقترب الوعد الحق‏}‏ قال‏:‏ قامت عليهم الساعة‏.‏

 الآية 98 - 104

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو داود في ناسخه والحاكم وصححه من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون‏}‏ قال المشركون‏:‏ فالملائكة وعيسى وعزير، يعبدون من دون الله‏.‏ فنزلت ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون‏}‏ عيسى وعزير والملائكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون‏}‏ قال ابن الزبعرى‏:‏ قد عبدت الشمس، والقمر والملائكة، وعزير وعيسى ابن مريم، كل هؤلاء في النار مع آلهتنا، فنزلت ‏(‏ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون‏)‏ وقالوا أالهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون‏)‏ ‏(‏الزخرف، آية 57‏)‏ ثم نزلت ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون‏}‏‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن مردويه والطبراني من وجه آخر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون‏}‏ شق ذلك على أهل مكة‏.‏ وقالوا‏:‏ شتم الآلهة‏.‏ فقال ابن الزبعرى‏:‏ أنا أخصم لكم محمدا، ادعوه لي فدعي‏.‏ فقال‏:‏ يا محمد، هذا شيء لآلهتنا خاصة‏؟‏ أم لكل عبد من دون الله‏؟‏ قال‏:‏ بل لكل من عبد من دون الله‏.‏ فقال ابن الزبعرى‏:‏ خصمت‏.‏ ورب هذه البنية، يعني الكعبة، ألست تزعم يا محمد، أن عيسى عبد صالح، وأن عزيرا عبد صالح، وأن الملائكة صالحون‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فهذه النصارى تعبد عيسى‏.‏ وهذه اليهود‏.‏ تعبد عزيرا، وهذه بنو مليح تعبد الملائكة، فضج أهل مكة وفرحوا‏!‏ فنزلت ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى‏}‏ عزير وعيسى والملائكة ‏{‏أولئك عنها مبعدون‏}‏ ونزلت ‏(‏ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون‏)‏ ‏(‏الزخرف، آية 57‏)‏ قال‏:‏ هو الصحيح‏.‏

وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون‏}‏ ثم نسختها ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون‏}‏ يعني عيسى ومن كان معه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله‏}‏ يعني الآلهة ومن يعبدها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏حصب جهنم‏}‏ قال‏:‏ وقودها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏حصب جهنم‏}‏ قال‏:‏ شجر جهنم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏حصب جهنم‏}‏ قال‏:‏ حطب جهنم بالزنجية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏حصب جهنم‏}‏ قال‏:‏ حطب جهنم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏حصب جهنم‏}‏ قال‏:‏ يقذفون فيها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏حصب جهنم‏}‏ قال‏:‏ حطبها‏.‏ قال بعض القراء ‏"‏حطب جهنم‏"‏ من قراءة عائشة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏حصب جهنم‏}‏ يقول‏:‏ إن جهنم تحصب بهم، وهو الرمي‏:‏ يقول‏:‏ يرمي بهم فيها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏"‏حضب جهنم‏"‏ بالضاد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في صفة النار، والطبراني البيهقي في البعث، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ إذا بقي في النار من يخلد فيها، جعلوا في توابيت من حديد النار، فيها مسامير من حديد نار، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من حديد، ثم قذفوا في أسف الجحيم فما يرى أحدهم أنه يعذب في النار غيره‏.‏ ثم قرأ ابن مسعود رضي الله عنه ‏{‏لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله‏:‏ ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى‏}‏ قال‏:‏ عيسى والملائكة وعزير‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏أولئك عنها مبعدون‏}‏ قال‏:‏ عيسى وعزير والملائكة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أصبغ، عن علي في قوله‏:‏ ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كل شيء يعبد من دون الله في النار، إلا الشمس والقمر وعيسى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى‏}‏ قال‏:‏ أولئك أولياء الله، يمرون على الصراط مرا هو أسرع من البرق فلا تصيبهم و ‏{‏يسمعون حسيسها‏}‏ ويبقى الكفار فيها حبيسا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي وابن مردويه، عن النعمان بن بشير‏:‏ أن عليا قرأ ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون‏}‏ فقال‏:‏ أنا منهم وعمر منهم وعثمان منهم والزبير منهم وطلحة منهم وسعد وعبد الرحمن منهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي عثمان النهدي في قوله‏:‏ ‏{‏لا يسمعون حسيسها‏}‏ قال‏:‏ حيات على الصراط تلسعهم، فإذا لسعتهم قالوا‏:‏ حس‏.‏‏.‏ حس‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله‏:‏ ‏{‏لا يسمعون حسيسها‏}‏ قال‏:‏ حيات على الصراط تقول‏:‏ حس حس‏.‏

وأخرج ابن مردويه وابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى‏}‏ قال‏:‏ السعادة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير، عن محمد بن حاطب قال‏:‏ سئل علي عن هذه الآية ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى‏}‏ قال‏:‏ هو عثمان وأصحابه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لا يسمعون حسيسها‏}‏ يقول‏:‏ لا يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار إذا نزلوا منازلهم من الجنة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سفيان ‏{‏لا يسمعون حسيسها‏}‏ قال‏:‏ صوتها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا‏:‏ قال في سورة الأنبياء ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وهم فيها لا يسمعون‏}‏ ثم استثنى فقال‏:‏ ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون‏}‏ فقد عبدت الملائكة من دون الله وعزير وعيسى‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال‏:‏ يقول ناس من الناس‏:‏ إن الله قال‏:‏ ‏{‏إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون‏}‏ يعني من الناس أجمعين، وليس كذلك إنما يعني من يعبد الله تعالى، وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه وعزير والملائكة‏.‏ واستثنى الله تعالى هؤلاء من الآلهة المعبودة التي هي مع من يعبدها في النار‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر‏}‏ قال‏:‏ أذا أطبقت جهنم على أهلها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر‏}‏ يعني النفخة الآخرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر‏}‏ قال‏:‏ النار إذا أطبقت على أهلها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر‏}‏ قال‏:‏ إذا أطبقت النار عليهم، يعني على الكفار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر‏}‏ قال‏:‏ إنصراف العبد حين يؤمر به إلى النار‏.‏

وأخرج ابن جرير في قوله‏:‏ ‏{‏لا يحزنهم الفزع الأكبر‏}‏ قال‏:‏ حين تطبق جهنم‏.‏ وقال‏:‏ حين ذبح الموت‏.‏

وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏بشر المدلجين في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط، عن أبي الدرداء قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏المتحابون في الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله على منابر من نور، يفزع الناس ولا يفزعون‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة‏:‏ رجل أم قوما وهم به راضون، ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة، وعبد أدى حق الله وحق مواليه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وتتلقاهم الملائكة‏}‏ قال‏:‏ تتلقاهم الملائكة الذين كانوا قرناءهم في الدنيا يوم القيامة، فيقولون‏:‏ نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏هذا يومكم الذي كنتم توعدون‏}‏ قال‏:‏ هذا قبل أن يدخلوا الجنة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن علي في قوله‏:‏ ‏{‏كطي السجل‏}‏ قال‏:‏ ملك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطية قال‏:‏ السجل، اسم ملك‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله‏:‏ ‏{‏يوم نطوي السماء كطي السجل‏}‏ قال‏:‏ السجل ملك، فإذا صد بالاستغفار قال‏:‏ اكتبوها نورا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي جعفر الباقر قال‏:‏ السجل ملك، وكان هاروت وماروت من أعوانه، وكان له كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب، فنظر نظرة لم تكن له، فأبصر فيها خلق آدم وما فيه من الأمور فأسر ذلك إلى هاروت وماروت، فلما قال تعالى‏:‏ ‏(‏إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها‏)‏ ‏(‏البقرة، آية 30‏)‏ قال‏:‏ ذلك استطالة على الملائكة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن السدي قال‏:‏ السجل ملك موكل بالصحف، فإذا مات دفع كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في الآية قال‏:‏ السجل، الصحيفة‏.‏

وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده في المعرفة، وابن مردويه والبيهقي في سننه وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ السجل، كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن عدي وابن عساكر، عن ابن عباس قال‏:‏ كان لرسول الله صلى عليه وسلم كاتب يسمى السجل، وهو قوله‏:‏ ‏{‏يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب‏}‏‏.‏

وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر، عن ابن عباس قال‏:‏ السجل، هو الرجل، زاد ابن مردويه بلغة الحبشة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏كطي السجل للكتب‏}‏ قال‏:‏ كطي الصحيفة على الكتاب‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏كما بدأنا أول خلق نعيده‏}‏ يقول‏:‏ نهلك كل شيء كما كان أول مرة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏كما بدأنا أول خلق نعيده‏}‏ قال‏:‏ عراة حفاة غرلا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏دخل علي رسول الله صلى عليه وسلم وعندي عجوز من بني عامر فقال‏:‏ من هذه العجوز يا عائشة‏؟‏ فقلت‏:‏ إحدى خالاتي‏.‏ فقالت‏:‏ ادع الله أن يدخلني الجنة‏.‏ فقال‏:‏ إن الجنة لا يدخلها العجوز‏.‏ فأخذ العجوز ما أخذها فقال‏:‏ إن الله تعالى ينشهنه خلقا غير خلقهن، ثم قال‏:‏ تحشرون حفاة عراة غلفا‏.‏ فقالت‏:‏ حاشا لله من ذلك‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ بلى‏.‏ إن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين‏}‏ فأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ يبعثهم الله يوم القيامة على قامة آدم وجسمه، ولسانه السريانية، عراة حفاة غرلا كما ولدوا‏.‏

 الآية 105 - 108

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر‏}‏ القرآن ‏{‏أن الأرض‏}‏ قال‏:‏ أرض الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر‏}‏ قال‏:‏ يعني بالذكر، كتبنا في القرآن من بعد التوراة، و ‏{‏الأرض‏}‏

أرض الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر‏}‏ يعني بالذكر، التوراة، ويعني بالزبور، الكتب من بعد التوراة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور‏}‏ قال‏:‏ الكتب‏.‏ ‏{‏من بعد الذكر‏}‏ قال‏:‏ التوراة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه، عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ الزبور، التوراة والإنجيل والقرآن، والذكر الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب الذي في السماء والأرض، أرض الجنة‏.‏

وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير،عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور‏}‏ قال‏:‏ الزبور، التوراة والإنجيل والقرآن ‏{‏من بعد الذكر‏}‏ قال‏:‏ الذكر الذي في السماء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال‏:‏ الزبور، الكتب، والذكر، أم الكتاب عند الله، والأرض الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال‏:‏ الزبور، الكتب التي أنزلت على الأنبياء، والذكر، أم الكتاب الذي يكتب فيه الأشياء قبل ذلك‏.‏

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏ قال‏:‏ أرض الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض، أن يورث أمة محمد الأرض ويدخلهم الجنة، وهم ‏{‏الصالحون‏}‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ عالمين‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏ قال‏:‏ أرض الجنة، يرثها الذين يصلون الصلوات الخمس في الجماعات‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم، عن الشعبي في قوله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر‏}‏ قال‏:‏ في زبور داود ‏{‏من بعد‏}‏ ذكر موسى التوراة ‏{‏أن الأرض يرثها‏}‏ قال‏:‏ الجنة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال‏:‏ كتب الله في زبور داود بعد التوراة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله‏:‏ ‏{‏أن الأرض يرثها‏}‏ قال‏:‏ الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏ قال‏:‏ الجنة وقرأ ‏(‏وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء‏)‏ ‏(‏الزمر، آية 74‏)‏ قال‏:‏ فالجنة مبتدؤها في الأرض ثم تذهب درجا علوا‏.‏ والنار مبتدؤها في الأرض، وبينهما حجاب، سور ما يدري أحد ما ذاك السور‏.‏ وقرأ ‏(‏باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب‏)‏ ‏(‏الحديد، آية 13‏)‏ قال‏:‏ ودرجها تذهب سفالا في الأرض، ودرج الجنة تذهب علوا في السماء‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن صفوان قال‏:‏ سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان، هل لأنفس المؤمنين مجتمع‏؟‏ فقال‏:‏ يقول الله‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏ قال‏:‏ هي الأرض التي تجمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم، عن أبي الدرداء قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏ فنحن الصالحون‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏إن في هذا لبلاغا‏}‏ قال‏:‏ كل ذلك يقال‏:‏ إن في هذه السورة، وفي هذا القرآن لبلاغا‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ إن في هذا لمنفعة وعلما ‏{‏لقوم عابدين‏}‏ ذلك البلاغ‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن كعب الأحبار ‏{‏إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن كعب في قوله‏:‏ ‏{‏إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ صوم شهر رمضان، والصلوات الخمس‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن أبي هريرة ‏{‏إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ في الصلوات الخمس شغلا للعبادة‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ‏{‏لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ هي الصلوات الخمس في المسجد الحرام جماعة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، عن محمد بن كعب ‏{‏إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ الصلوات الخمس‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ الذين يحافظون على الصلوات الخمس في الجماعة‏.‏

وأخرج عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏لقوم عابدين‏}‏ قال‏:‏ عاملين‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين‏}‏ قال‏:‏ من آمن تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن عوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب، من المسخ والخسف والقذف‏.‏

وأخرج مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قيل يا رسول الله، ادع على المشركين‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم في الدلائل، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني، عن سلمان‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي، أو لعنته لعنة، فإنما أنا رجل من ولد آدم أغضب كما تغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، وأجعلها عليه صلاة يوم القيامة‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنما أنا رحمة مهداة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ قيل يا رسول الله، ألا تلعن قريشا بما أتوا إليك‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏لم أبعث لعانا إنما بعثت رحمة‏"‏ يقول الله‏:‏ ‏{‏وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين‏}‏‏.‏

 الآية 109 - 110

أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏على سواء‏}‏ قال‏:‏ على مهل‏.‏

 الآية 111 - 112

أخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ‏{‏وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين‏}‏ يقول‏:‏ هذا الملك‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل، عن الشعبي قال‏:‏ لما سلم الحسن بن علي - رضي الله عنه - الأمر إلى معاوية، قال له معاوية‏:‏ قم فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ إن هذا الأمر تركته لمعاوية‏.‏ إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم ‏{‏وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين‏}‏ ثم استغفر ونزل‏.‏

وأخرج البيهقي، عن الزهري قال‏:‏ خطب الحسن رضي الله عنه فقال‏:‏ أما بعد‏:‏ أيها الناس إن الله هداكم بأولنا، وحقن دمائكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول، وإن الله تعالى قال لنبيه‏:‏ ‏{‏وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏ومتاع إلى حين‏}‏ الدهر كله‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏)‏ ‏(‏الإنسان، آية 1‏)‏ الدهر‏:‏ الدهر كله‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها‏)‏ ‏(‏إبراهيم، آية 25‏)‏ قال‏:‏ هي النخلة من حين تثمر إلى أن تصرم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏ليسجننه حتى حين‏)‏ ‏(‏يوسف، آية 35‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ‏{‏وأن أدري لعله فتنة لكم‏}‏ يقول‏:‏ ما أخبركم به من العذاب والساعة، أن يؤخر عنكم لمدتكم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏قل رب احكم بالحق‏}‏ قال‏:‏ لا يحكم الله إلا بالحق، ولكن إنما يستعجل بذلك في الدنيا، يسأل ربه على قومه‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة‏:‏ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا شهد قتالا قال‏:‏ ‏{‏رب احكم بالحق‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة قال‏:‏ كانت الأنبياء تقول‏:‏ ‏(‏ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‏)‏ ‏(‏الأعراف، آية 89‏)‏ فأمر الله نبيه أن يقول‏:‏ ‏{‏رب احكم بالحق‏}‏ أي اقض بالحق‏.‏ وكان رسول الله - صلى عليه وسلم - يعلم أنه على الحق، وأن عدوه على الباطل، وكان إذا لقي العدو قال‏:‏ ‏{‏رب احكم بالحق‏}‏ والله أعلم‏.‏

انتهى المجلد الخامس من تفسير الدر المنثور ولله الحمد‏.‏